مخزن الثقافة والتراث
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
/ answered
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
ما نأكله من أطباق وكيفية إعدادها، ومن نتشاركها معهم، هي مسارات للأنشطة الثقافية والتقاليد التي تَكمُن في العمليَّة بأكملها؛ من الوصفة نفسها إلى إعدادها وتقديمها وحتى وتناولها.
فإذا كان الطعام يَحفظ الثقافات، إذن أين يُحفظ الطعام؟
الإجابة على هذا السؤال لها أوجه عدّة، فبالتأكيد هي تُحفظ باستمرارية طبخ الوصفات المحددة وتناقلها من جيلٍ إلى جيل. ولكن هناك إجابة أكثر عملية للسؤال الآنف، ألا وهي: بحفظها في باطن كتب الطبخ وطُرق الأرشفة الأخرى الأكثر حداثة.
إحدى هذه الطرق هي الفضاء الإلكتروني الذي أصبح أداة أساسية للحفظ والأرشفة، خاصةً ما يتعلق منها بالموسيقى والثقافة الحية. ورغم أن العديد من المنصات لم تُنشأ بغرض الأرشفة، إلا أنها تخدم هذا الغرض الآن. وأصبح الكثير من السودانيين يلجأون إليها، خاصة في ظل أزمة النزوح المستمرّة والصعوبات المتزايدة في طهي الوصفات الأصلية التي نشأوا على تناولها.
لا يكفي تناول الطعام دون النظر إلى جودته، وللبقاء بصحة جيدة جسديّاً وعقليّاً؛ فالحصول على الغذاء الجيّد حق إنساني أصيل، وبهذا المبدأ والشعار تعمل المطابخ الأهلية أو التَّكايا منذ اندلاع الحرب على توفير وجبات مجانية للمتضررين والمحتاجين في مناطق الحرب، وهي إحدى طرق التكافل الاجتماعي المعروفة عن المجتمع السوداني.
و بالعودة إلى الفضاء الإلكتروني، سنلاحظ أن هنالك عدداً كبيراً من المدونات التي تختصّ بالمطبخ والطعام السوداني: كيفية إعداده والبدائل الممكنة للمكونات التي يصعب الحصول عليها للمغتربين، أو لاستبدالها لأسباب ودواعٍ صحية.
أحد الأمثلة الحيّة لهذه المدونات هي مدونة "مطبخ سمسماية”.
هذه إحدى أوائل المدونات التي اتجهت للاهتمام بالمطبخ السوداني، واكتسبت شعبية كبيرة، خاصة بسبب وصفتها المُبسَّطة لطَبَق العصيدة السوداني، حيث عَدّلت مكوّناتها ليتم تحضيرها من دقيق الأرز والزبادي، مما سَهَّل عملية إعدادها كثيراً. وقد بدأت سمسماية مدوّنتها في العام ٢٠٠٨م، بعد أن لاقت تشجيعاً من أصدقائها في منصّات عديدة لإعادة وصفات والدتها المتوفاة، ومساعدة الشابات والشباب للحصول عليها بسهولة.
ثم هناك تطور آخر في نشر الثقافة الغذائية عبر الإنترنت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع فيسبوك، إذ لا تزال المنصة الأكثر شعبية بين المستخدمين السودانيين. واحدة من أكبر هذه المجموعات هي "المطبخ السوداني التقليدي والمعاصر"، وهي مجموعة أنشأها طهاة/يات سودانيون/ات في مايو ٢٠١٥م، واكتسبت شعبية بين ربات المنازل، وتضم الآن أكثر من مليون ونصف عضو. تعتبر هذه المنصة أكبر منصة طبخ سودانية، حيث يتم تشجيع الأعضاء على مشاركة الوصفات مع تفاصيل جميع الخطوات والمكونات. تتميز المنصة بثقافة إيجابية وداعمة، ويحظر فيها أي تعليقات تعتبر مسيئة للمهارات أو الثقافة. حتى بالنسبة لعملي على هذا الموضوع في المدونة، كانت هذه المنصة واحدة من الموارد الرئيسية التي استخدمتها لتعلم الوصفات، ولكن الأهم من ذلك للإطلاع على مختلف الثقافات. من خلال النقاشات يقوم العديد من الأعضاء بشرح الأعراف الثقافية المرتبطة بالطبق، والاسم الذي يستخدمونه لطبق معين، والعديد من الجوانب التي تُثري النقاش بين مختلف أعضاء المجموعة حول الوصفة أو الطبق.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت المزيد من الشخصيّات على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع فيديو، ومحتوى خاص بالأطعمة الغذائية عبر الإنترنت باستخدام منصّات مختلفة وبتنسيقات مختلفة. على سبيل المثال، حساب Habi Makes على منصة إنستغرام، حيث تُركّز صاحبة الحساب على جانب تصوير الطعام، وبدأت بنشرها عام ٢٠١٧م، بعدها تطوّر الحساب إلى محتوى يعرض وصفات مُقَدَّمة بطريقة فنية. اكتسب منشئو المحتوى الآخرون على تيك توك أو يوتيوب أيضاً شعبية عن طريق مشاركة وصفات قصيرة وسهلة المتابعة، منهم أحمد عابدين، الذي لديه أكثر من ٢٥٠ ألف متابع على تيك توك وحده. وقد اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأ نشرها في أوائل عام ٢٠٢٠ شعبية سريعة جداً. وفيما يتعلق بالجانب الثقافي للطعام، فقد بدأت منصات بالظهور كذلك مثل صفحة المطبخ السوداني والموقع الإلكتروني، ويقوم الآن صاحب الموقع بجمع المواد الخاصة بالمطبخ السوداني، من أجل إصدار كتاب.
وأخيراً مجلة مذاق خاص وهي مجلة إلكترونية مختصة في مجال الطعام السوداني.
وَصفات الطعام تحوي الكثير من المنتوج التراثي والثقافي، وقد تُدرك ذلك عندما تتذوق طبقاً مطبوخاً بوصفةٍ بعينها، أو عندما تُحاول طبخ طبقٍ بذات وصفة ووالدتك، أو حتى وعندما تأخذك الذكريات إلى سفرة جدتك التي كانت تجمع العائلة في المناسبات.
ما نأكله من أطباق وكيفية إعدادها، ومن نتشاركها معهم، هي مسارات للأنشطة الثقافية والتقاليد التي تَكمُن في العمليَّة بأكملها؛ من الوصفة نفسها إلى إعدادها وتقديمها وحتى وتناولها.
فإذا كان الطعام يَحفظ الثقافات، إذن أين يُحفظ الطعام؟
الإجابة على هذا السؤال لها أوجه عدّة، فبالتأكيد هي تُحفظ باستمرارية طبخ الوصفات المحددة وتناقلها من جيلٍ إلى جيل. ولكن هناك إجابة أكثر عملية للسؤال الآنف، ألا وهي: بحفظها في باطن كتب الطبخ وطُرق الأرشفة الأخرى الأكثر حداثة.
إحدى هذه الطرق هي الفضاء الإلكتروني الذي أصبح أداة أساسية للحفظ والأرشفة، خاصةً ما يتعلق منها بالموسيقى والثقافة الحية. ورغم أن العديد من المنصات لم تُنشأ بغرض الأرشفة، إلا أنها تخدم هذا الغرض الآن. وأصبح الكثير من السودانيين يلجأون إليها، خاصة في ظل أزمة النزوح المستمرّة والصعوبات المتزايدة في طهي الوصفات الأصلية التي نشأوا على تناولها.
لا يكفي تناول الطعام دون النظر إلى جودته، وللبقاء بصحة جيدة جسديّاً وعقليّاً؛ فالحصول على الغذاء الجيّد حق إنساني أصيل، وبهذا المبدأ والشعار تعمل المطابخ الأهلية أو التَّكايا منذ اندلاع الحرب على توفير وجبات مجانية للمتضررين والمحتاجين في مناطق الحرب، وهي إحدى طرق التكافل الاجتماعي المعروفة عن المجتمع السوداني.
و بالعودة إلى الفضاء الإلكتروني، سنلاحظ أن هنالك عدداً كبيراً من المدونات التي تختصّ بالمطبخ والطعام السوداني: كيفية إعداده والبدائل الممكنة للمكونات التي يصعب الحصول عليها للمغتربين، أو لاستبدالها لأسباب ودواعٍ صحية.
أحد الأمثلة الحيّة لهذه المدونات هي مدونة "مطبخ سمسماية”.
هذه إحدى أوائل المدونات التي اتجهت للاهتمام بالمطبخ السوداني، واكتسبت شعبية كبيرة، خاصة بسبب وصفتها المُبسَّطة لطَبَق العصيدة السوداني، حيث عَدّلت مكوّناتها ليتم تحضيرها من دقيق الأرز والزبادي، مما سَهَّل عملية إعدادها كثيراً. وقد بدأت سمسماية مدوّنتها في العام ٢٠٠٨م، بعد أن لاقت تشجيعاً من أصدقائها في منصّات عديدة لإعادة وصفات والدتها المتوفاة، ومساعدة الشابات والشباب للحصول عليها بسهولة.
ثم هناك تطور آخر في نشر الثقافة الغذائية عبر الإنترنت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة موقع فيسبوك، إذ لا تزال المنصة الأكثر شعبية بين المستخدمين السودانيين. واحدة من أكبر هذه المجموعات هي "المطبخ السوداني التقليدي والمعاصر"، وهي مجموعة أنشأها طهاة/يات سودانيون/ات في مايو ٢٠١٥م، واكتسبت شعبية بين ربات المنازل، وتضم الآن أكثر من مليون ونصف عضو. تعتبر هذه المنصة أكبر منصة طبخ سودانية، حيث يتم تشجيع الأعضاء على مشاركة الوصفات مع تفاصيل جميع الخطوات والمكونات. تتميز المنصة بثقافة إيجابية وداعمة، ويحظر فيها أي تعليقات تعتبر مسيئة للمهارات أو الثقافة. حتى بالنسبة لعملي على هذا الموضوع في المدونة، كانت هذه المنصة واحدة من الموارد الرئيسية التي استخدمتها لتعلم الوصفات، ولكن الأهم من ذلك للإطلاع على مختلف الثقافات. من خلال النقاشات يقوم العديد من الأعضاء بشرح الأعراف الثقافية المرتبطة بالطبق، والاسم الذي يستخدمونه لطبق معين، والعديد من الجوانب التي تُثري النقاش بين مختلف أعضاء المجموعة حول الوصفة أو الطبق.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت المزيد من الشخصيّات على وسائل التواصل الاجتماعي بمشاركة مقاطع فيديو، ومحتوى خاص بالأطعمة الغذائية عبر الإنترنت باستخدام منصّات مختلفة وبتنسيقات مختلفة. على سبيل المثال، حساب Habi Makes على منصة إنستغرام، حيث تُركّز صاحبة الحساب على جانب تصوير الطعام، وبدأت بنشرها عام ٢٠١٧م، بعدها تطوّر الحساب إلى محتوى يعرض وصفات مُقَدَّمة بطريقة فنية. اكتسب منشئو المحتوى الآخرون على تيك توك أو يوتيوب أيضاً شعبية عن طريق مشاركة وصفات قصيرة وسهلة المتابعة، منهم أحمد عابدين، الذي لديه أكثر من ٢٥٠ ألف متابع على تيك توك وحده. وقد اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة، والتي بدأ نشرها في أوائل عام ٢٠٢٠ شعبية سريعة جداً. وفيما يتعلق بالجانب الثقافي للطعام، فقد بدأت منصات بالظهور كذلك مثل صفحة المطبخ السوداني والموقع الإلكتروني، ويقوم الآن صاحب الموقع بجمع المواد الخاصة بالمطبخ السوداني، من أجل إصدار كتاب.
وأخيراً مجلة مذاق خاص وهي مجلة إلكترونية مختصة في مجال الطعام السوداني.