كتاب الخرطوم
نُشر كتاب «تاريخ الخرطوم»، الذي كتبه المؤرخ الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم، في عام ١٩٧٩م، ويعتبر أحد أهم المراجع الحديثة في تاريخ التخطيط الحضري للخرطوم الكبرى حتى يومنا هذا. التحق الدكتور أبو سليم بخدمة محفوظات السودان، وكانت آنذاك قسماً صغيراً مختصَّاً بحفظ الوثائق في وزارة الداخلية. ثم قام بتطوير القسم لما يصبح دار الوثائق القومية.
/ answered
كتاب "تاريخ الخرطوم" من تأليف المؤرخ الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم، نُشر في العام ١٩٧٩م، ويُعتبر إلى اليوم من أهم المراجع الحديثة لتاريخ مدينة الخرطوم الكبرى، العمراني والتخطيطي. التحق الدكتور أبو سليم بخدمة محفوظات السودان، وكانت آنذاك قسماً صغيراً مختصَّاً بحفظ الوثائق في وزارة الداخلية. ثم قام بتطوير القسم لما يصبح دار الوثائق القومية. نال الدكتوراة في فلسفة التاريخ من جامعة الخرطوم في عام ١٩٦٦م. وهو غنيٌّ عن التعريف، فقد ارتبط اسمه ومسيرته بتطور التوثيق والتأريخ في السودان.
في مقدمة كتابه يذكر الدكتور أبو سليم أن الجزء الأكبر من "كتاب الخرطوم" كان مجموعة مقالات، نُشرت في مجلة الخرطوم التي كانت تُصدرها وزارة الإرشاد القومي بالسودان في ذلك الوقت. استعان الدكتور أبو سليم بالعديد من المصادر في دار الوثائق المركزية في السودان، ومكتبة جامعة الخرطوم ودار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية العربية بالقاهرة.
تناولت مجلة الخرطوم مختلف المواضيع ولم تُركّز فقط على مدينة الخرطوم، وامتدت لبقية مدن السودان، من مقالات وقصص ونوادر وقصائد. منها مقالات و"الخرطوم الجديدة" و"امتدادات الخرطوم" من كتابة الدكتور أبو سليم، ومواضيع أخرى من خبراء وكتّاب آخرين. ولم تقتصر مواضيعها على وصف أو سرد تاريخي للمدن بل تطرقت إلى المسائل والقضايا المتعلقة بعمران وتخطيط المدن التي كانت تشهدها المدينة في تلك الفترة.
التالي مقتطف من مقال "امتدادات الخرطوم"، كتب فيه الدكتور أبو سليم معلّقاً على الأضرار الناتجة عن التوسّع في توزيع الأرض على ذوي الدخل المحدود. من العدد السادس من مجلة الخرطوم مارس ١٩٦٧ (ص.٧٦):
وإذ يخرج هذا المقال في وقتٍ أخذت فيه الدولة تُوزّع الأرض على ذوي الدخل المحدود، ينبغي أن نشير إلى أن المسكن يشكّل جانباً مهمّاً من حياة الإنسان، خاصةً في قطرٍ يكاد كل فرد فيه يملك المنزل الذي يأوي إليه؛ سواء كان من قش أو جلد أو طين، إن المنزل عامل استقرارٍ نفسيّ لابد منه. ولكن هناك مشاكل وراء التوسع في توزيع الأرض، ولعل أهمها هو أن التوزيع يخلق طبقةً من الملاك، خاصةً والاتجاه العام الآن هو الامتلاك للتأجير والاستفادة المادية من ورائه، وهذا في الواقع يعني أن كثيراً من مدخرات المدن ستتحول إلى منازل قد لا تجد من يؤجّرها، ويضاف إلى ذلك أن كثيرين ممن لا يملكون إمكانية البناء سيحصلون على الأرض، وليس من سبيلٍ أمامهم إلا الاستدانة؛ سواءً كانوا من عمال الدولة أو غيرهم، وهذا يعني في الواقع مزيداً من الديون لهذه الطبقة المُرهَقَة، وأخشى أيضاً أن يؤدي الزمن إلى ارتفاع في تكاليف البناء وموادّه فيصير ذلك عبئاً على الفقراء.
ودرئاً لهذه المخاطر أو تقليلًا لها، على الدولة ألا تصرّ على أن يتم البناء في وقتٍ مُحدَّد، بل من الأفضل أن تعطي فسحةً من الوقت أطول حتى يتمكن الفقراء من البناء شيئاً فشيئاً، وحتى يحدّ ذلك من ارتفاع الأسعار والتكاليف.
وعليها أيضاً أن تُوفّر مواد البناء، خاصة المواد المحلية، وأن تجعلها في متناول الفقراء.
كتاب "تاريخ الخرطوم" من تأليف المؤرخ الدكتور محمد إبراهيم أبو سليم، نُشر في العام ١٩٧٩م، ويُعتبر إلى اليوم من أهم المراجع الحديثة لتاريخ مدينة الخرطوم الكبرى، العمراني والتخطيطي. التحق الدكتور أبو سليم بخدمة محفوظات السودان، وكانت آنذاك قسماً صغيراً مختصَّاً بحفظ الوثائق في وزارة الداخلية. ثم قام بتطوير القسم لما يصبح دار الوثائق القومية. نال الدكتوراة في فلسفة التاريخ من جامعة الخرطوم في عام ١٩٦٦م. وهو غنيٌّ عن التعريف، فقد ارتبط اسمه ومسيرته بتطور التوثيق والتأريخ في السودان.
في مقدمة كتابه يذكر الدكتور أبو سليم أن الجزء الأكبر من "كتاب الخرطوم" كان مجموعة مقالات، نُشرت في مجلة الخرطوم التي كانت تُصدرها وزارة الإرشاد القومي بالسودان في ذلك الوقت. استعان الدكتور أبو سليم بالعديد من المصادر في دار الوثائق المركزية في السودان، ومكتبة جامعة الخرطوم ودار الكتب المصرية ودار الوثائق القومية العربية بالقاهرة.
تناولت مجلة الخرطوم مختلف المواضيع ولم تُركّز فقط على مدينة الخرطوم، وامتدت لبقية مدن السودان، من مقالات وقصص ونوادر وقصائد. منها مقالات و"الخرطوم الجديدة" و"امتدادات الخرطوم" من كتابة الدكتور أبو سليم، ومواضيع أخرى من خبراء وكتّاب آخرين. ولم تقتصر مواضيعها على وصف أو سرد تاريخي للمدن بل تطرقت إلى المسائل والقضايا المتعلقة بعمران وتخطيط المدن التي كانت تشهدها المدينة في تلك الفترة.
التالي مقتطف من مقال "امتدادات الخرطوم"، كتب فيه الدكتور أبو سليم معلّقاً على الأضرار الناتجة عن التوسّع في توزيع الأرض على ذوي الدخل المحدود. من العدد السادس من مجلة الخرطوم مارس ١٩٦٧ (ص.٧٦):
وإذ يخرج هذا المقال في وقتٍ أخذت فيه الدولة تُوزّع الأرض على ذوي الدخل المحدود، ينبغي أن نشير إلى أن المسكن يشكّل جانباً مهمّاً من حياة الإنسان، خاصةً في قطرٍ يكاد كل فرد فيه يملك المنزل الذي يأوي إليه؛ سواء كان من قش أو جلد أو طين، إن المنزل عامل استقرارٍ نفسيّ لابد منه. ولكن هناك مشاكل وراء التوسع في توزيع الأرض، ولعل أهمها هو أن التوزيع يخلق طبقةً من الملاك، خاصةً والاتجاه العام الآن هو الامتلاك للتأجير والاستفادة المادية من ورائه، وهذا في الواقع يعني أن كثيراً من مدخرات المدن ستتحول إلى منازل قد لا تجد من يؤجّرها، ويضاف إلى ذلك أن كثيرين ممن لا يملكون إمكانية البناء سيحصلون على الأرض، وليس من سبيلٍ أمامهم إلا الاستدانة؛ سواءً كانوا من عمال الدولة أو غيرهم، وهذا يعني في الواقع مزيداً من الديون لهذه الطبقة المُرهَقَة، وأخشى أيضاً أن يؤدي الزمن إلى ارتفاع في تكاليف البناء وموادّه فيصير ذلك عبئاً على الفقراء.
ودرئاً لهذه المخاطر أو تقليلًا لها، على الدولة ألا تصرّ على أن يتم البناء في وقتٍ مُحدَّد، بل من الأفضل أن تعطي فسحةً من الوقت أطول حتى يتمكن الفقراء من البناء شيئاً فشيئاً، وحتى يحدّ ذلك من ارتفاع الأسعار والتكاليف.
وعليها أيضاً أن تُوفّر مواد البناء، خاصة المواد المحلية، وأن تجعلها في متناول الفقراء.