السوق: عرض للتراث
تشكل الأسواق جوهر كل أشكال التجارة. فهي تشكل بوتقة تنصهر فيها الثقافات، وتجمع بين المنتجين والمستخدمين والباعة المتجولين والتجار وكل ما يحتاجون إليه من مواد. وعلى هذا النحو، تشكل الأسواق متاحف للتراث الحي.
الحرف اليدوية في الأسواق
الحرف اليدوية في الأسواق
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
الاقتصاد في عهد الخليفة عبد الله
الاقتصاد في عهد الخليفة عبد الله
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
أهمية الأسواق في شمال كردفان
أهمية الأسواق في شمال كردفان
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
الأسواق في أم درمان
الأسواق في أم درمان
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
سوق الأبيض للحوم
سوق الأبيض للحوم
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
معاصر الزيوت
معاصر الزيوت
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
الزير
الزير
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
السوق: عرض للتراث
تشكل الأسواق جوهر كل أشكال التجارة. فهي تشكل بوتقة تنصهر فيها الثقافات، وتجمع بين المنتجين والمستخدمين والباعة المتجولين والتجار وكل ما يحتاجون إليه من مواد. وعلى هذا النحو، تشكل الأسواق متاحف للتراث الحي.
الحرف اليدوية في الأسواق
الحرف اليدوية في الأسواق
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
تم تصوير وإنتاج هذه المجموعة من الأفلام التوثيقية كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية في العام ٢٠١٩ والذي كان من المقرر في البدء عرضها في ثلاثة متاحف في جميع أنحاء السودان، متحف بيت خليفة في أم درمان، الخرطوم، متحف شيكان في الأبيض، شمال كردفان، ومتحف دارفور في نيالا، جنوب دارفور.
وتعرض هذه الأفلام مواضيع مختلفة تخص التراث والثقافة مرتبطة بمحتوى هذه المتاحف.
تم إنتاج جميع الأفلام في هذه المجموعة بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
تعرض مقاطع الفيديو الثلاثة التالية الحياة في الأسواق في دارفور من خلال مختلف الحرف والمنتجات المباعة في السوق.
صانعات الغزل والنسيج في منطقة مِنواشي- جنوب دارفور
تقوم نساء قبيلة البرقد بنسج السعف الملون وتزيين "المندولة" التي تستخدم في تقديم الوجبات الخاصة.
تم التصوير في سوق على جانب الطريق في مِنواشي، شمال نيالا.
صانعو الفخار - كاس، جنوب دارفور
صانعو الفخار في سوق الثلاثاء في كاس (على بعد ساعة غرب نيالا)، يزينون المباخر.
تظهر في الفيديو مريم محمد أبكر وهي تضرب قاعدة الزير.
صناع المراكيب - نيالا، جنوب دارفور
المركوب هو حذاء سوداني تقليدي مصنوع من الجلد، ولكل منطقة أنواع مختلفة حسب نوع الجلد المتوفرفي المنطقة، وكلما كانت الجلود نادرة كلما زادت تكلفة الحذاء مثل جلد الفهد أو جلد الأصلة.
يظهر في الفيديو صانعو المراكيب في سوق نيالا.
صورة الغلاف © زينب جعفر
الاقتصاد في عهد الخليفة عبد الله
الاقتصاد في عهد الخليفة عبد الله
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
صورة الغلاف:بيت الخليفة. آلات سك النقود التابعة للخليفة. خدمة صور ماتسون. ١٩٣٦ © مكتبة الكونغرس
أهمية الأسواق في شمال كردفان
أهمية الأسواق في شمال كردفان
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
للأسواق في شمال كردفان أهمية كبيرة، حيث تلعب، بالإضافة للتبادل التجاري، دوراً هاماً في تعزيز الروابط الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة والسند والتماسك المجتمعي، وتُشَكِّل عنصراً هامَّاً في النسيج الاجتماعي والاقتصادي بالمنطقة، وتعكس وتقوّي ترابط أهل المنطقة.
التبادل التجاري في أسواق شمال كردفان بين المزارعين المقيمين والرعاة الرُحَّل يؤكد العلاقة التكافلية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ من الطرفين، ولهذه العلاقة أهمية كبيرة في استدامة التعايش السلمي بين الفئتين.
والتفاعل الذي يحدث في الأسواق المزدحمة هو جوهر هذه العلاقة؛ حيث يُمثِّل تبادل المنتجات والخدمات ارتباطاً عميق الجذور بين هاتين الفئتين. إن التفاعل المستمر بين السكان المستقرين، وأغلبهم مزارعون، والرعاة الرحل، لا يُغَيِّر فقط البيئة الاقتصادية ولكن أيضاً النسيج المجتمعي.
تكتظّ أسواق شمال كردفان بسلع كلٍّ من المزارعين والرعاة، حيث ينتج المزارعون الحبوب والخضروات والسلع المُصَنَّعة، بينما يوفّر الرعاة الحيوانات ومنتجات الألبان والموارد المهمة مثل الصمغ العربي. مما يؤدي إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمعين المحليين، وبالتالي تعزيز الاستقرار الاقتصادي والتعايش. بالإضافة لذلك، يعمل مدد السلع المستمر في السوق كأساس لاستقرار السوق، مما يُعَزِّز القدرة الاقتصادية للمنطقة.
السميح، فنقوقة، علوبة، الجاسر، أب القور، أب جهل، الوساع، أب دكنة الرهد، أم روابة، الزريبة وسوق الأبيض للمحاصيل؛ هذه جميعها تُمَثِّل أكبر الأسواق في شمال كردفان، وأوّل خمسة منها هي في غالبها أسواق للمواشي تقع بالقرب من أو على حدود حزام الرعي. أما بقية الأسواق هي أسواق عامة، تبيع كل الاحتياجات الأساسية المُنتَجَة داخل وخارج الولاية.
لا تقتصر أسواق المواشي على المعاملات التجارية، حيث أنها تشمل أيضًا العيادات البيطرية، والصيدليات، وكذلك العيادات الصحية الدائمة أو الأسبوعية للجمهور. في كثيرٍ من الحالات، تكون هذه الأسواق الفرصة الوحيدة للرحل للوصول إلى هذه المرافق.
الرعاة يبيعون من الماشية ما يكفي لشراء الحبوب والملابس والأدوية والمواد الغذائية المحفوظة استعداداً لرحلتهم التالية، بينما يستفيد المزارعون من الفرصة لشراء المنتجات الحيوانية، مثل اللحوم والجلود ومنتجات الألبان. هذه الأسواق تُشبه إلى حدٍّ كبير نظام المقايضة، وهنا يظهر الاعتماد المتبادل بين المزارعين والرعاة بجلاء.
العلاقات الاقتصادية بين المزارعين والرعاة مدفوعة باحتياجاتهم التكاملية؛ حيث يعتمد المزارعون على الأبقار ومنتجات الألبان للتغذية والأغراض الزراعية، بينما يعتمد الرعاة على الحبوب والخضروات لنظام غذائي صحي وطعام لإعاشتهم في رحلاتهم. وهنا يلعب التبادل المستمر للسلع الدور في الحفاظ على بيئة سوق مستقرة، مما يعزِّز الاستقرار الاقتصادي للمنطقة.
الأسواق هي عملياً البوتقة التي تنصهر فيها المجموعات الاجتماعية ثقافياً، حيث، بالإضافة للتبادل التجاري، يتداخل المزارعون والرحل من خلال تبادل الحكاوي ونقل المعرفة والتقاليد، مما يؤدي لتعزيز العلاقات والاحترام والتعاون الذي بدوره يضفي تماسكاً للنسيج الاجتماعي لهذه المكونات.
بالإضافة للأسواق، يتشارك الرحّل والمزارعون الأراضي؛ حيث يساهم الرعاة في الاستدامة البيئية من خلال طرق الرعي التقليدية، مثل تبديل مواقع الرعي وتقليل الرعي الجائر، ويستفيد المزارعون من هذه الطريقة لأنها تحافظ على خصوبة التربة، وتزيد الإنتاجية الزراعية. هذه المنفعة المتبادلة تؤكد أهمية التعاون والإدارة المستدامة للموارد وفي أوقات الشدّة، مثل الفيضانات وضعف الحصاد. يتعاون الطرفان لمجابهة التحديات ويزيد هذا التعاون من تماسك العلاقات بين هذه الفئات المجتمعية. يلعب الشيوخ وقادة المجتمع دوراً حيوياً في حل النزاعات والتحاور مما يُرسِي قواعد التعايش السلمي.
التبادل التجاري بين الرحل والمقيمين في شمال كردفان ليست مجرد علاقة إقتصادية، بل تعكس علاقة تكافلية متأصِّلة بعمق في التكوين الاجتماعي بالمنطقة. فمن خلال تواصلهم في الأسواق، شكَّلت هذه المجتمعات روابط اجتماعية وتبادلت تراثها الثقافي وحافظت على أنماط عيشها الاقتصادية.
صور الغلاف © سوق أبو جهل بالأبيض، تصوير زينب جعفر،٢٠٢١
الأسواق في أم درمان
الأسواق في أم درمان
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
لم يكن السوق في أم درمان مجرد مكان للبيع والشراء؛ فقد كان – ومازال - رمزاً للامتزاج المجتمعي والعرقي والثقافي، فقد أظهرت الخرائط القديمة أحياءً سكنيةً لقبائل من مختلف أنحاء السودان في قلب سوق أم درمان.
وكانت الأسواق هي الملتقى المجتمعي الذي يجتمع فيه التجار والسكان من مختلف السحنات والطبقات الاجتماعية والثقافية لتبادل المنافع والحرف والأخبار والتجارب. كما أدى ارتباط السوق بالطرق التجارية المحلية والعالمية إلى إثراء الإرث الحضاري والثقافي لأم درمان.
كانت خطوط النقل النهري والمراسي ذات أهمية اقتصادية وصلة وثيقة بالسوق، إذ عملت المراكب في تصدير البضائع القادمة من كردفان ودارفور، وأيضاً لنقل الذرة من مناطق إنتاجها في النيل الأبيض والجزيرة والنيل الأزرق إلى مرسى شمبات.
ونتجت عن حركة التجارة النهرية أسواق متفرقة على المرسى لبيع مختلف البضائع المنقولة بحراً، ولصناعة وبيع المراكب، كما كانت أيضا مراكزاً مجتمعية تضم الكثير من النشاطات اليومية المرتبطة بالنيل.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق أسماك الموردة ٢٠٢٠
سوق الأبيض للحوم
سوق الأبيض للحوم
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
سوق الأبيض للحوم - الأبيض، شمال كردفان
لقطات من سوق الحيوانات "الزريبة" وأكشاك اللحوم بمدينة الأبيض. ٢٠١٨
تم تصوير وانتاج هذه هذ الفلم كجزء من مشروع متاحف غرب السودان المجتمعية تم انتاج الفلم بواسطة مارك واتمور ويوهو ميديا.
صورة الغلاف © زينب جعفر، في سوق اللحوم في الأبيض، ٢٠٢١
معاصر الزيوت
معاصر الزيوت
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
لقد كانت معاصر استخلاص الزيت التي تديرها الحيوانات، وخاصة تلك التي تستخدم الجمال، تقليداً قديماً في الأسواق. خلال فترة المهدية كانت هذه المطاحن مراكز اقتصادية مهمة، حيث كانت تدعم سبل العيش المحلية وتُساهم بشكلٍ كبير في اقتصاد السوق. كما تُستَخدم كواجهات للأنشطة الثورية، ووفرّت غطاءً للاجتماعات السرية في فترات لاحقة.
ومن المعروف أن عملية استخراج الزيت التقليدية، التي تنطوي على قيام الحيوانات بتحريك العجلات لسحق البذور، معروفة بإنتاج زيت عالي الجودة. وذلك لأن الطريقة تُستخدم عادةً الضغط البارد، مما يحافظ على نكهات الزيت الطبيعية والمواد المغذّية. على الرغم من التطورات الحديثة، تضمن هذه العملية اليدوية بقاء الزيت نقيّاً وأصليّاً.
في فيلمه جمل (١٩٨١)، يصوّر إبراهيم شداد الحياة من خلال عيون الجمل الذي يحرّك معصرة الزيت، ويعرض الفيلم وجهة نظر سياسية من خلال الاستعارة التي تعكس باستمرار صراع الحياة اليومية من خلال عمل الجمل الدنيوي.
واليوم، لا تزال هذه المعاصر التقليدية تعمل في بعض المناطق، وهي ذات قيمة كبيرة بسبب تراثها الثقافي والجودة العالية للزيوت الذي تنتجها. يسلّط هذا الاستمرار الضوء على الأهمية الدائمة والفعالية للممارسات التقليدية.
صورة الغلاف:
معصرة زيت السمسم تجرّها الجمال يملكها عبد الرحمن رحمة موسى © أحمد إبراهيم محمد سليمان، نوفمبر ٢٠٢٣، الأبيض، كردفان، تم التقاطها كجزء من ورشة عمل توثيق التراث الثقافي غير المادي في متحف شيكان.
الزير
الزير
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان
يُعدّ الزير واحداً من أهم الأساسيات في المنازل السودانية، فهو وسيلة التبريد المُستخدمة في جميع أنحاء السودان لوقت قريب، ونحن إذ اخترنا اليوم الحكاية عن الزير لارتباطه بالماضي وبالحاضر، وكوسيلة السقيا في الحل والترحال، فقد كان في كلّ عربةٍ من عربات القطار مزيرة فيها زير، وقد استلهم الكثير من الملحنين ألحانهم عند سماعهم رجَّة الزير.
ونحن في شورتي، أثناء تجوالنا في أقاليم السودان المختلفة لتوثيق ثقافة وحضارة السودان، كان الزير روح المكان؛ فقد كان حاضراً في أغلب المنازل والأماكن مع اختلاف الشكل والنوع، ففي كل ولاية كان الزير يختلف عن الأخرى، وذلك لحكم نوع الطين وطبيعة المكان.
فعند زيارتنا لولاية نهر النيل، في رحلة من النيل للبحر، وكان الهدف منها هو الفرق بين النيل والبحر أرضاً وإنساناً وعادات وتقاليد؛ وجدنا أن الزير كان حاضراً في أغلب المنازل والطرق، ويُطلَق عليه أحياناً اسم (الجَر) بدلاً من الزير، ويكون كبيراً جداً من الأسفل وضيّقاً في الأعلى قليلاً، ويُصنع من طين الصلصال الخفيف، ويُغطَّى بالطوب الأحمر من الخارج ويُحرق.
وعند تقدمنا شرقاً في ذات الرحلة من النيل إلى البحر، لاكتشاف أوجه الشبه والاختلاف، وجدنا الزير هناك أيضاً في الشرق، ويختلف الشكل قليلاً، إذ يتسم شكله بالطول وأقل حجماً وأكثر سُمكاً، وذلك حتى يتحمّل السفر لمسافات طويلة و يحتفظ بالبرودة مدة أطول.
أما في رحلة الولاية الشمالية (نوري نفر، الكاسنجر، البركة)، وجدنا هنالك الكثير من الأزيار في المنازل أو في الطريق (السبيل)، وهنا يُوضع الزير في الطريق العام أو بين الطرقات لعابري السبيل، ويُستخدم الزير كمبرّد للماء في المقام الأول.
وأثناء زيارتنا للكثير من المنازل توجد عند الباب مَزيَرة، وهي حمَّالة من الحديد أو الخشب أو من الأسمنت، تتكون من زير واحد أو إثنين أو أكثر، ويكون الغطاء غالباً من الحديد أو الخشب. وأيضاً يُستخدم الزير أحياناً لحفظ الحبوب ويتم فيه تخمير "الحلو مر"، وفي المناسبات يُستخدم لتخمير الدقيق للعصيدة والكسرة.
أما في رحلتنا إلى ولاية جنوب كردفان رحلة (عيد الحصاد)، فإن أول ما لفت نظرنا شكل الزير؛ كنا في استراحة الأم بخيتة في الدلنج، وفجأة كلنا وقفنا حول الزير، كان شكله جديداً علينا: كان قصيراً جداً وببطن واسعة ورقبة قصيرة، ويوضع في أحد الأركان في المنزل.
وفي شمال كردفان خلال رحلتنا لمدينة الفاشر على وجه التحديد أيضاً وجدنا الزير في المنازل والطرق، ويُصنع على جزئين: جزء علوي وجزء سفلي، ويتم لصقهم مع بعضهم البعض، ويختلف شكل ونوع الغطاء الذي يتكون من سعف الدوم.
ولكن أوجه الشبه في الولايات المختلفة كانت في علاقة الإنسان مع الزير؛ ففي جميع الأماكن كان هناك ارتباطاً واضحاً في علاقة الإنسان مع المزيرة والزير، هنالك شخص مسؤول مباشرة عن المزيرة في كل بيت يوجد به زير، من نظافته اليومية ووضع وعاء تحته لـ"نقَّاط" الماء من الزير، والتأكد من تغطيته وملئه كلما نقص الماء، ففي جميع الولايات وجدنا هذا التشابه في علاقة الإنسان بالزير.
لقد كانت متعة التجول في السودان هي اكتشاف موروثاتنا، وكان الزير من الموروثات التي وجدناها تستحق التعرف عليه أكثر.
صورة الغلاف © عصام أحمد عبد الحفيظ، ٢٠١٠، الزومة، شمال السودان